الأحد، 27 فبراير 2011

الإنفجار الأخير لبالونات الخوف ..



 
عندما تقوم الثورات ، يتم هدم نظام قديم و إنشاء نظام آخر جديد ، و يكون لهذه الثورة أعداء من المنتفعين من النظام القديم ، يظلون فى حالة ترقب و إنتظار شديدين ، و أصدقاء للثورة حماسهم فاتر، هذا الفتور يعود إلى خوفهم من إستعادة الأقوياء فى النظام القديم لسلطتهم أو جزء منها – مما يسمى بالخوف من الثورة المضادة - و أيضاً لعدم الثقة المغروس فى الجنس البشري لكل جديد حتى يتم تجربته و إعتياده، و بالتالى عند حدوث مهاجمة للثورة من أنصار النظام القديم، فإن أعداءها يهاجمونها بكل قوتهم ، أما أنصار الثورة يساعدونها بأنصاف قواهم !
 لأن المترددون من الصعب أن تهتدى عقولهم إلى رأى واضح و لا إلى موقف صريح نظراً لسيطرة الخوف على تفكيرهم ، و بالتالى سيظلون يتأرجون بين عواطفهم المتقلبة كاللون الباهت.
و قد حدثت هذه الأزمة بعد خطاب الرئيس السابق الذى يسمى بـ"خطاب التفرقة" ، و وقتها هاجم النظام القديم الثورة بكل شراسة و قسوة ، إعلامياً ( عن طريق الأجندات و الكنتاكي و الـ50 دولار) و سياسياً ( عن طريق الدعوة للحوار مع اللواء عُمر سليمان) و أيضاً بالضرب تحت الحزام ( عن طريق معركة الجمل و قتل المتظاهرين ) ، بينما صمت أغلب المؤيدون للثورة و لأهدافها و احتاروا فى أمرهم ، و أصبحوا مُبلبلين و مُشتتين على الرغم من إيمانهم الحقيقي بالثورة، و الكل يشهد أنه لولا شجاعة شباب التحرير و استمرارهم و ثباتهم ، ما نال المصريون شيئاُ مما تحقق بعد ذلك.
الآن نحن فى نفس الموقف ، إن كنت فى حيرة ، فجَّر بالونة الخوف بداخلك قبل ما تكبر و تتحول لدبابة كبيرة تعوقك عن التفكير و إبدأ  فكر بعقلانية ، و خذ موقف واضح بكل إستقلالية و حرية  إن لم يكن من أجل الثورة ، فمن أجل إحترامك لنفسك و لحريتك كمواطن مصري لك حقوق مصرية ، على طريقة أحمد حلمي.



و لنستوضح الموقف أكثر ، لابد أن نذكر أن الجيش وقف مع الثورة منذ اللحظة الأولي ، و لكن ما موقفه من المتظاهرين و باقى مطالب الثورة الآن ؟
 هناك 3 إحتمالات مهمين جداً لابد من وضعهم فى الإعتبار.
1)      الجيش المصري ، كمؤسسة عسكرية تحظى بإحترام و رهبة الشعب المصري ، أعقل من أن يضرب المتظاهرين السلميين و يفقد هيبته و إحترامه و وطنيتة أمام المصريين و العالم ، و بالتالى لن يلجأ لقمع المتظاهرين مهما كلفه ذلك من تضحيات ، و لن يكون أمامه إلا الإستجابة لمطالب المعتصمين فى ميدان التحرير.
2)       ربما هناك من يحاول الوقيعة بين الشعب و الجيش من المنتفعين من النظام القديم ، حتى يمنع إتمام مطالب الثورة ، و بالطبع لن يتوقف المعتصمون عن إعتصامهم لواجبهم تجاه وطنهم فى حماية الثورة ، و وفاءاً لدماء الشهداء التى سالت على أرض ميدان التحرير ، و لإيمانهم بأن التظاهر السلمي – الذى هو حق من حقوق الإنسان فى العالم كله “1”– هو طريقهم الوحيد لتحقيق هذه المطالب ،  فى هذا الوضع يكون أمام الجيش خياران :
-          الأول هو "ودن من طين و ودن من عجين" الذى سيفتح المجال أمام هؤلاء لدعم عدم استقرار البلاد عن طريق إشعال الفتنة بين المسلمين و المسيحيين و إفتعال مشكلات مثل المادة الثانية من الدستور ، و سيعملون على عدم إستقرار الأوضاع الأمنية فى البلاد و نشر الفوضى و أعمال البلطجة و الإختطاف لقلب الرأى العام الشعبي على المتظاهرين كما حدث بعد خطاب التفرقة الشهير من باب : "آآدى البلد خربت على أيديكم ، سيبوا الجيش بقى يعمل إللى هو عاوزه "، بالإضافة لفتح الطريق لإثارة العلاقة بين المتظاهرين و الجيش عن طريق المندسين ، عندها ستكون الثورة فى هذه الحالة فى أخطر لحظاتها.
-          الثاني هو الإستجابة الفورية للمطالب و تحديد جدول زمنىي لتنفيذها و غلق الطريق على كل المنتفعين ، و فى هذه الحالة سيعود المعتصمون إلى ديارهم آمنين راضيين هاتفين " الجيش و الشعب إيد واحدة " و بذلك يُغلق الجيش الباب تماماً على الإلتفاف على الثورة أو مطالبها و يعود لمكانته الرفيعة فى قلوب المصريين.
3)      الإحتمال الثالث – جدلياً حتى الآن ، و لكن يجب أخذه فى الإعتبار - و هو أن تكون هناك آراء داخل المجلس العسكري نفسه تختلف مع مطالب الشعب ، و هذا اقتراح مُستبعد ، فسيظل المعتصمون فى التحرير ، و الجيش ينتظر رحيلهم ، و البقاء لصاحب النفس الأطول.



 و المُلاحظ فى جميع الإحتمالات أن المعتصمين مصممين على إتمام ثورتهم ، و أن الكرة الآن فى ملعب الجيش و عليه أن يأخذ موقفاً مُشرفاً و يستمع للشعب و يُتم مطالب الثورة.
أخيراً ، الثورة ليست مكاسب سياسية أو إجتماعية فقط ، الثورة لها مكاسب أعمق على المستوي الإنساني ، الثورات تجعلنا أكثر حرية و مسؤلية و بالتالى نكون أكثر إبداعاً.
و أختم بما قاله الأديب علاء الأسواني فى الإندبيندنت”2” :" هناك عامل مشترك بين أن تثور و أن تحب ، لأنك فى كلا الحالتين تكون إنساناً أفضل."




هامش : 
1-      راجع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بند 20 أو شوف الفيديو ده : http://www.youtube.com/watch?v=Pqib7xeGJ3k