الجمعة، 24 يونيو 2011

رحلة مع توم و جيري و الكتكوت الأصفر ذو المُنقار البرتقالي !

لا أظن أن أحداً ممن سيقرأ هذه الكلمات لم يشاهد الكارتون الأشهر فى العالم (توم و جيري) فى فترة -أو كما هو الحال معي - طوال حياته ! 

و أتوقع أن كثيرين يتذكرون حلقة "That is my mommy "  التى تبدأ ببيضة تتدحرج حتى تصل إلى (توم) فتتهشم البيضة ليخرج منها كتكوت أصفر ذو منقار برتقالي يجرى نحو توم و يقول له : بابا .. بابا ، أنت بابا ، أنا أحب بابا ، و بابا يحبنى !




و تيدأ الحلقة بأن ينتهز توم الفرصة ليأكل هذا الكتكوت الأبله ، و يتدخل (جيري) لإنقاذ الكتكوت و محاوله إفهامه أن توم ليس "بابا" و يقرأ له كتاب يوضح أن القط يلد القطط و أن الفرخة تفقس الكتاكيت ، لكنه ، و بشكل عفوي ، يجري ناحية صورة القط فى الكتاب ، و يقول :  بابا .. بابا !! و يحتضن صورة توم ! ... فيحاول (جيري) التفسير ،  فيضربه و يهرب إلى (توم) من جديد !




هذا يُذكرنا بما يحدث الآن من جدل فى المجتمع حول أحداث كثيرة ، منها ( الدستورأولاً - الإنتخابات أولاً ) أو ( هل الإسلام ديناً وعقيدةً يختلف عن مشروع الإسلام السياسي ؟ و ما الفرق بين د.العوّا و أبو الفتوح و أبو إسماعيل ؟ ) ... إلخ 

فتجد مؤيدين و مُعارضين لآراء مُتعددة و متضاربة يمسكون بعض الجُمل و التصريحات لمؤيديهم و يقولون - على طريقة الكتكوت - : بابا .. بابا ، أنت بابا ، أنا أحب بابا ، و بابا يحبنى ! دون أدنى إلتفاتة للرأى الآخر الذى قد يكون خطأ يحتمل الصواب ، كما أن رأيك صواب يحتمل الخطأ !



لا يُمكن النقاش حول هذه المواضيع بثقة "اليقين" بأن ما نتدواله من أفكار و آراء هو الصح المُطلق ، و أن ما دون ذلك هو الضلال ! و إنما يجب المناقشة بثقة "أغلب الظن" أن هذه الآراء هى الأصح من وجهة نظرنا الآن ، و أن الآراء الأُخرى قد تكون هى الأصح و الأنسب فى وقت آخر او بلد آخر ..

و أذكر أننى شهدت مُناقشة مع صديق قديم حول أمر ما ، و كان - صديقي- يُعارض الجميع دون أن يستمع لرأى أحدهم ، فقال له أحد الحضور : تخيل أنك وُلدت يهودياً إسرائيلياً ، و تعلمت فى مدرسة أليعازر الثانوية كراهية العرب و المسلمين ، ثم درست فى جامعة بن جوريون و خدمت فى جيش الدفاع الإسرائيلي و قتلت أسرة كاملة فى غزة ، هل كنت سترى أن ذلك حراماً أو عيباً أو ضد الإنسانية ؟ أم أنه - كما يتعلم الإسرائيليون فى مدارسهم - دفاعاً عن حدود إسرائيل المُقدسة ؟

هذا ما يحدث عندما يُغلق الإنسان عقله و يسمح لغيره أن يفكر له ، هل كان هذا الإسرائيلي سيسمح لنفسه بقتل أرواح بريئة إرضاءاً لرئيس الوزراء أو وزير الدفاع ؟  و هل كان المواطن الأمريكي البسيط سيفرق بين سماحة الإسلام و تنظيم القاعدة ؟ و هل كان هذا المتطرف سيفرق بين اليهودية كدين سماويّ و الصهيونية العالمية ؟ ...

الأمر المُثير للدهشة أن صديقى لم يُفكر ، و لكنه جفل ، ثم غضب ، ثم تحول غضبه إلى ثورة مُحتجاً على تشبيهه باليهود و قال أنه لا يقبل أن يتشبه بهم و لا يقبل التفكير فى هذا لأن ذلك لم يحدث ! ثم قام و أنصرف !

لا أظن أنه يختلف كثيراً عن الكتكوت الذى ثار على جيري عندما أراد أن يوضح له أصله و حقيقته الطبيعية ، فقام الكتكوت بصفع جيري ثم عاد ليرمي نفسه فى القدر( الحلّة ) ليأكله توم من جديد !




و السؤال الذى ينبغى سؤاله الآن : هل كل منا الآن يقوم بدور توم أم جيري أم الكتكوت الأصفر ذو المُنقار البرتقالي ؟



-----------------------------------------------------------


هامش : حلقة توم و جيري المذكورة  :


Tom & Jerry - That's my Mommy (1955)