-1-
"هو صحيح الهوى غلاب
ما اعرفش انا
والهجر قالوا مرار وعذاب
واليوم بسنة"
غريب هذا القلب الذي يتلذذ بضعفه، الذى يستعذب الألم و يبتسم لهذه الإشارات المتلاحقة التى تقول له: انتبه! انت تسير نحو هلاكك! احذر! .. ولا يستمع لها، ولا يحذر..
روب ستارك هو أحد الشخصيات المحورية في مسلسل "لعبة العروش" الشهير، هذا الشاب الوسيم الذي يُعد كأحد أعظم محاربي مملكة الشمال و الذي كان على وشك إعتلاء العرش الحديدي قد أوتي كل شىء، الشجاعة التى ورثها عن والده، إيمان قومه بقضيته التى ثار لأجلها، كفاءته، صغر سِنّه، ومحبة قومه وتقديرهم له إكرامًا لسيرة والده الذى ثار لأجله. رجل بمثل هذه الصفات، لماذا لايحصل على العرش ويُنصّب ملكًا؟.. الإجابة: لأنه أحبّ.
-2-
"جاني الهوى من غير مواعيد
وكل مادا حلاوته تزيد
ما احسبش يوم ح ياخدني بعيد
يمني قلبي بالأفراح
وارجع وقلبي كله جراح"
لقد كلّف الحب روب ستارك أكثر مما يحتمل، كلّفه قتل أكثر الرجال إخلاصًا له أولاً، الحرب التى كانت تنتظر انتصاره بصدر رحب قد أدارت له ظهرها وأخذت تلاحقه الهزائم والخيانات أينما ذهب. كلفه ذلك الحب حياته، وحياة من أحبها، وطفله المنتظر، وأمه التى وثقت به، وأخته التى جاءت لتحتمي به.. لقد خسر روب ستارك كل شيء. خسر كل شيء.
-3-
" حب ايه اللي انت جاي تقول عليه؟..
انت عارف قبلاً، معنى الحب ايه؟.."
ظهر تايون لانستر في المسلسل كرجل أسطوري لم يُهزم طيلة حياته قط، كان ذكيًا، شجاعًا، ولكنه قبل كل ذلك لم يكن يعرف الحب. في أحد أعظم مشاهد المسلسل يتحدث تايون لانستر عن ابنه جايمي أمام آريا ستارك عندما وجدها تقرأ أحد الرسائل:
"لقد علمت جايمي ابني كيف يقرأ ويكتب.. جائني معلمه في أحد الأيام وأخبرني أنه لايتعلم. تختلط عليه الحروف ولا يستطيع عقله أن يفرّق بينها، قال أن علينا أن نقبل بالأمر. ولكن هيهات! لقد أجلست جايمي أمامي لمدة أربع ساعات يوميًا حتى تعلّم القراءة والكتابة. لهذا السبب كرهني جايمي بشدة لفترة ما، لقد كرهني لفترة طويلة جدًا. لكنه تعلّم في النهاية..."
أدرك تايون لانستر أنه إن كان رحيمًا بابنه، مُشفقًا عليه، لما استطاع أن يتعلم شيئًا. ماذ كان سيحدث لجايمي لانستر – الذي أصبح أحد أمهر فرسان المملكة - لو أن تايون لانستر جلس إليه عندما كان طفلاً وأخذ يقبّل وجنتيه ويلاطفه ويهشّكه ويلعب معه "مين حبيب بابا" بدلاً من أن يقسو عليه ويعلّمه القراءة والكتابة والفروسية وحمل السيف وكيفية الدفاع عن المملكة؟
-4-
"و هتفضل علي طول لعبتها..
إكمنك دُبت و حبتها..
إكمنك صدقت عينيها..
و بقت روحك تجري عليها..
قلبك بقى انتيكه قي بيتها.."
ربما صادف تايون لانستر عندما كان في مثل عُمْر روب ستارك فتاة جميلة كتاليسا – الفتاة التى أحبها روب ستارك – ربما أحبها حبًا أعنف من ذاك الذي كان بين روب وتالييسا.. لكنه لم ينس يومًا أنه جنديًا وليس عاشقًا وأنه إن أغفل هذه الحقيقة فلن يكون أبدًا تايون لانستر الذي لا يُقهر.
-5-
"إيديا في جيوبي و قلبي طرب
سارح في غربه بس مش مغترب
وحدي ..لكن ونسان و ماشي كده
بابتعد .. معرفش او باقترب
و عجبي "
هذا العالم يُحب تايون لانستر، ويقتات على من هم مثل روب ستارك.. العالم الذي نعيشه عالم لا يعرف الحب، ربما لايزال يعرف القليل عن المشاركة، أقل القليل منها، لكنه في طريقه إلى فردية وذاتية تصلان إلى حد منع جميع أوجه المشاركة بين البشر بشكل نهائي. عالمنا يدفعنا نحو النفور من الزواج، الخوف المرضي من الإلتزام في العلاقات.. وتلك الهشاشة التى تصيبنا عندما نحب؛ ترعبنا..
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق