الجمعة، 24 سبتمبر 2010

بين التدين و الإجتهاد في العمل


بين التدين و الإجتهاد في العمل

أومن أن الدين ليس فقط عبادات و شعائر و مظاهر و حركات نقوم بها بين جدران المساجد ، فالدين بما يعنيه من أخلاق و تعاليم لابد أن تخرج الى الشارع و البيت و المدرسة و الجامعة و المصنع و الشركة.

و لا أعلم لماذا لا يقوم خطباء المنابر و الدعاة و الإعلاميون بتحفيز الشباب -إحنا!- نحو العمل و حثهم على الإتقان و تحسين الأخلاق و نشر تعاليم الدين بدلاً من التكرار الممل لقضايا و أمور تتعلق باللحية و الإسبال أو الولولة الإعلامية اليومية على مشكلاتنا بدلاً من التفكير و البحث عن حلول لها؟!

يمكنك أن تتخيل رجلاً جهّز شركة و أحضر لها جميع المعدات و المستلزمات ، ثم أتى بالعمال و الموظفين و مجلس الإدارة و قال لهم : أديروا هذه الشركة و طوّروها و اجعلوها في تقدم و تحسن ، ماذا تفعل لو تركوا الماكينات و المعدات و المكاتب حتى خربت و تلفت و ذهبوا إلى بيت الرجل يهتفون باسمه و يدعون له بطول العمر و يطلبون رضاه عنهم ؟!

لو طردهم و شرّدهم ما عاتبه أحد فيما فعل !
 
المشكلة أننا نرى ذلك كل يوم في المصالح الحكومية ( و في شئون الطلبة في الكليات !) ، فقد ترى طابور الواقفين في مصلحة حكومية يكاد يبلغ باب المصلحة ، و يتركهم الموظف - الذى يعمل بكسل و لا يقضي لك مصلحتك إلا بعد ما تعيّد عليه و تقول له كل سنة و انت طيب - !! – و يذهب ليصلي السنة ثم الفريضة ثم السنة التي تليها ، و لا يعود بعد ذلك بسرعة لقضاء حوائج الناس ، بل يتلكأ و يظن –لأنه صلى فى جماعة ! – أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ! ، فيعامل الجميع بفظاظة و كأنه يمنّ عليهم بقضاء مصالحهم !
على الرغم أن الله وضع فسحة من الوقت بين الصلوات كي يقضي (الموظف) حوائج القادمين إليه بلهفة و إستعجال ، و لا يعني ذلك التهاون في الصلاة أو في آداءها على وقتها! ، و لكن أين هذا من حديث النييّ "لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه ، خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهراً !"


 

 من يعتقد أن الدين يتلخص في جملة من الأذكار أو مجموعة حركات تعبدية خالية من المعاني لابد أن يدرك أن الدين أخلاق و آداب و تعاملات راقية و عمل جاد لا استهانة فيه و إتقان للعمل على الوجه الأكمل ، و أن الدين يدعو للحرية و إقامة العدل و تقدير الفرد و أنه نعمة من الله إذا فهمناه على الوجه الصحيح ، فما أراد الله أن يشقينا بل أن يجعلنا سعداء ! ، فالله خالق النفس و يعلم أسرارها و خفاياها ، و يعلم أن الغش و الرشوة و الإهمال في العمل و غيرها من الخطايا تُحدث سواداً في القلب و إنكساراً في النفس و كآبة في الوجه و يؤدي ذلك لشيوع روح التعاسة العامة في المجتمع ، أما الإحساس بالمسؤلية و الإجتهاد و الإتقان يُشعر الإنسان بقيمته و عزته ، و أتسائل كيف لا يشعر الفاشل أو المتهاون في دراسته أو عمله أنه يُغضب الله ؟  و كيف يدعو الله أن يرضى عنه دون أن يغير من نفسه ؟
علينا أن نتقن العمل و ننظم حياتنا و أن نعمل لمستقبلنا ، فلن تقوم نهضة هذه الأمه إلا بالشباب الواعي !


السبت، 11 سبتمبر 2010

بين الإيمان و العصبية الدينية


بين الإيمان و العصبية الدينية


لعل السبب الرئيسي في وجود الفتن الطائفية و النزاعات الدينية التي تؤدي أحياناً إلى ما يسمى بـ"الحروب المقدسة" ؛ هو ضعف الإيمان ..!

إذ أن التدين الحقيقي – سواء في الإسلام أو المسيحية – يعني الإيمان العميق بالدين و مبادئه ، فيصبح (المتدين) كالسائر بخطى ثابتة مطمئنة في طريق الحياة المتعرج ، و مهما شاهد من سائرين يسيرون في طرق تختلف عن طريقه ، لا يزعزعه ذلك عن إيمانه قيد أنملة ..!

و جميع الأديان السماوية أقرَّت الإختلاف ، و حثَّت كل ديانة أتباعها على قبول الغير و إحترامه ؛ طالما يحترم المقدسات و يقبل التعدد ..

و ذلك يعني أن تحوّل أحد المسيحيين إلى الإسلام أو العكس لا يؤثِّر إلا على ذوي النفوس الضعيفة و أصحاب الإيمان المزيف ، و هؤلاء هم أصحاب العصبيات الجاهلة و مُشعلوا الفتن الطائفية ..!

و من ذلك نستطيع أن نعرف الفرق بين الإيمان الشديد بالدين مع قبول الآخر ، و العصبية الجاهلة ؛ فكل منهما يحب دينه بشدة و على استعداد تام أن يضحى بحياته في سبيله ، لكنّك ترى صاحب الإيمان كالسائر على درب الهدى بقلبٍ صافٍ و نفسٍ مطمئنةٍ يتمنى للجميع أن يهتدوا للحق الذي هُدي إليه ، و للخير الذي ينعم فيه ، و للطمأنينة التي تعمر قلبه ؛ فتراه يدعو غيره من المتخبطين في الطرقات على غير هُدى ، و ينبههم أن هناك طريقاً أخر فيه سعادتهم و طمأنينتهم – كما يرى ! – و يترك لهم الإختيار بمحض إرادتهم ، فالله يضل من يشاء و يهدي إليه من يشاء ، لذلك لا تراه أبداً يحمل في قلبه ذرة حقد باسم الدين و بالأحرى لا تجده يشتم أو يضرب أو يقتل غيره لأنهم –فقط- على غير طريقه ..! 

فلا يفعل ذلك إلا المرتعشون المتذبذبون من أصحاب الإيمان الضعيف و التعصب المذموم ..!

فعلى الجانب الآخر ؛ ترى ضعيف الإيمان يريد أن يعطي لنفسه ثقة فيما يتبع من تعاليم لا يقتنع و لا يؤمن بها – و ذلك لعدم قدرته على مواجهة هذه الشكوك التي تصيبه بإستمرار- عن طريق اقتناع و إيمان الآخرين بنفس ما يتبع !
فيكون كالسائر في طريق يخشى أن يكون خطأ ، فيحاول أن يطمئن نفسه بأن يرى السائرين في نفس الطريق يصبحون أكثر و أكثر ، فيقل خوفه لأنه ليس وحده الذي سيلقى المصير المحتوم إذا لم يكن هذا الطريق هو المؤدي إلى غايته !

و العكس صحيح ، فكلما قل السائرين في نفس الطريق كلما ازداد خوفه ، و ارتعدت أوصاله أن يلقى مصيره وحده .. فتراه يحقد و يشتم و يثور و يغضب ، و ربما أعاد هؤلاء الذين اختاروا طريقاً آخر بكل ما أوتي من قوة و عنف و سلطة إلى نفس الطريق مرة أخرى !!

و هؤلاء عليهم أن يواجهوا شكوكهم و يفهموا أديانهم و لا يكونوا دعاية سوداء لدينهم .. و أن يخافوا من لعنة الرب أن تصيبهم بما أفسدوا في أرضه بجهلهم و تعصبهم المذموم و تطرفهم ؛ فالأديان بريئة من كل جهل و تعصب و تطرف !







الجمعة، 3 سبتمبر 2010

تسبيحات [3] ..


سبحان من أضاء بنور وجهه الظلمات ، ظلمة الشك ، و ظلمة الشرك ، و ظلمة الجهل ، و ظلمة المعصية .. فجعلَ الوجودَ كله من معاني و محسوساتِ ؛ دليلاً على وجودِه ، و إنتظامها و دقتها دليلاً على وحدانيتِه ، فخلقَ الكونَ بقدرتِه و علمِه و كشفَ للعلماءِ من البشرِ من قوانينِه و من أسرارِ خَلقِه ، يرونَ فيها من عجيبِ قدرتِه و حكيمِ صنعتِه ، و جعلَ زيادةَ علمهم ( العلماء) بما خلقَ سبباً في إيمانهِم بقدرتِه و خشيتهم من معصيته و أملهم في التمتع بلذة القرب منه و الأنس به في الدنيا و الآخرة ..