بين الإيمان و العصبية الدينية
لعل السبب الرئيسي في وجود الفتن الطائفية و النزاعات الدينية التي تؤدي أحياناً إلى ما يسمى بـ"الحروب المقدسة" ؛ هو ضعف الإيمان ..!
إذ أن التدين الحقيقي – سواء في الإسلام أو المسيحية – يعني الإيمان العميق بالدين و مبادئه ، فيصبح (المتدين) كالسائر بخطى ثابتة مطمئنة في طريق الحياة المتعرج ، و مهما شاهد من سائرين يسيرون في طرق تختلف عن طريقه ، لا يزعزعه ذلك عن إيمانه قيد أنملة ..!
و جميع الأديان السماوية أقرَّت الإختلاف ، و حثَّت كل ديانة أتباعها على قبول الغير و إحترامه ؛ طالما يحترم المقدسات و يقبل التعدد ..
و ذلك يعني أن تحوّل أحد المسيحيين إلى الإسلام أو العكس لا يؤثِّر إلا على ذوي النفوس الضعيفة و أصحاب الإيمان المزيف ، و هؤلاء هم أصحاب العصبيات الجاهلة و مُشعلوا الفتن الطائفية ..!
و من ذلك نستطيع أن نعرف الفرق بين الإيمان الشديد بالدين مع قبول الآخر ، و العصبية الجاهلة ؛ فكل منهما يحب دينه بشدة و على استعداد تام أن يضحى بحياته في سبيله ، لكنّك ترى صاحب الإيمان كالسائر على درب الهدى بقلبٍ صافٍ و نفسٍ مطمئنةٍ يتمنى للجميع أن يهتدوا للحق الذي هُدي إليه ، و للخير الذي ينعم فيه ، و للطمأنينة التي تعمر قلبه ؛ فتراه يدعو غيره من المتخبطين في الطرقات على غير هُدى ، و ينبههم أن هناك طريقاً أخر فيه سعادتهم و طمأنينتهم – كما يرى ! – و يترك لهم الإختيار بمحض إرادتهم ، فالله يضل من يشاء و يهدي إليه من يشاء ، لذلك لا تراه أبداً يحمل في قلبه ذرة حقد باسم الدين و بالأحرى لا تجده يشتم أو يضرب أو يقتل غيره لأنهم –فقط- على غير طريقه ..!
فلا يفعل ذلك إلا المرتعشون المتذبذبون من أصحاب الإيمان الضعيف و التعصب المذموم ..!
فعلى الجانب الآخر ؛ ترى ضعيف الإيمان يريد أن يعطي لنفسه ثقة فيما يتبع من تعاليم لا يقتنع و لا يؤمن بها – و ذلك لعدم قدرته على مواجهة هذه الشكوك التي تصيبه بإستمرار- عن طريق اقتناع و إيمان الآخرين بنفس ما يتبع !
فيكون كالسائر في طريق يخشى أن يكون خطأ ، فيحاول أن يطمئن نفسه بأن يرى السائرين في نفس الطريق يصبحون أكثر و أكثر ، فيقل خوفه لأنه ليس وحده الذي سيلقى المصير المحتوم إذا لم يكن هذا الطريق هو المؤدي إلى غايته !
و العكس صحيح ، فكلما قل السائرين في نفس الطريق كلما ازداد خوفه ، و ارتعدت أوصاله أن يلقى مصيره وحده .. فتراه يحقد و يشتم و يثور و يغضب ، و ربما أعاد هؤلاء الذين اختاروا طريقاً آخر بكل ما أوتي من قوة و عنف و سلطة إلى نفس الطريق مرة أخرى !!
و هؤلاء عليهم أن يواجهوا شكوكهم و يفهموا أديانهم و لا يكونوا دعاية سوداء لدينهم .. و أن يخافوا من لعنة الرب أن تصيبهم بما أفسدوا في أرضه بجهلهم و تعصبهم المذموم و تطرفهم ؛ فالأديان بريئة من كل جهل و تعصب و تطرف !
مقال جميل ومنطقي ، لكن لا يصف "المتعصبين" في رأيي ، بل ضعفاء الإيمان
ردحذفالمتعصب لا يُولد متعصب ، لكنه يتطور تدريجياً كلما قل الإيمان ..
ردحذفو ما ورد هنا كان وصف لميلاد متعصب جديد :) ..