الأربعاء، 28 أبريل 2010

حياة


جلست اراقبها ، اتلذذ بالنظر الى كل حركاتها ، و بإمتصاص كل دقيقة من انفعالاتها ، تضحك تارة ، و تبكى تارة اخرى ، تبتسم فرحاً ، و تقطب جبينها الصغير فى رشاقة .حياة غامرة بالإنفعالات و الحركات ، هى منبع المشاعر و الإنفعالات التى خلقها الله ؛ المهندس و المبدع الأعظم للكون و النفس. هى اختى حياة ، ذات الشعر البنى الذى يلمع تحت اشعه الشمس عاكساً كل ألوان البهجة و معانى السرور ، ما اسعد اوقاتى التى اقضيها فى الإستمتاع بملاعبتها و مجالستها نهاراً،أو ان اروى على مسامعها قصة حتى تغفو عيناها العسليتان و تغلق جفنيها ، فأستمتع و أستأنس بمجالسة الملائكة التى تطوف حول سريرها فى خشوع و كأنها تطلب منها ان تفيض عليها من جمال روحها -الذى كجمال خلقها - ؛ حياة هى الجمال المفرد لذاته !



وذات يوم -ليس كباقى الأيام - أجلس على الأريكة امام التلفاز ، أُقَلِب فى صفحات العالم ، بينما حياة تجلس على الأرض فى عالمها الخاص،تلعب مع عروستها صفاء التى أضفت عليها من روحها و أخذت تعلمهاكيفية اللعب و تمشيط شعرها ، ابتسمتُ لها ، و عاودت أتصفح التلفاز ، فإذا بالإذاعة الإخبارية – التى تعرض دوماً آثام البشرية السوداء – تعرض فيلم رعب حقيقى !أشلاء بشرية متناثرة فى جميع الإتجاهات و الأركان ، بيوت هدمت ، و صوامع و مساجد دكت بالأرض ،الصراخ يعلوه العويل ، يختلط الدم بالعظم و اللحم،كما اختلط الحلم بالحرمان ، و الأمل بالضياع ، و الكفر بالإيمان! هذا رجل يبكى حاله ، و هذه أم تضرب و جهها و تخمش صدرها و تمزق ثيابها صارخه بآهات كل أم فقدت رضيعها الذى بين يديها ،آهات تخترق حجاب السماء ، و تصعد لأعلى ،فوق السماوات السبع ، تقتحم المجلس الإلهى الأعظم ، و تصرخ فى حضره الملك : ما ذنب رضيعى ؟! من ذاك الإله الى يرضى لعباده بمثل هذه الفوضى ؟!


تزلزلتُ على صرخة حياة حينما رأت دبابة تعبر على رأس طفل فى مثل عمرها فافنجرت رأسه ينبوعاُ أحمر! على الفور جاءت امى و سحبت حياة من امام التلفاز و جرت بها على الغرفة تهدىء من روعها ، و توعدتنى بنظره عرفتها و لم أكترث إلا أن مجلسى أصبح مجرداً من الحياة ، اصبح بلا حياه !و فجأة ،توقف الإرسال،لم ينقطع و لكنه توقف،صورة بقايا و جه الطفل ماثلة على الشاشة ، يداً خفيه أوقفت الصورة ؛ ماهذا يا الله
!!كيف لم أُلاحظ تلك البسمه المرتسمه على وجه الطفل ، او بقايا و جهه ! ابتسامه رضا و طمأنينه ، أهو راضٍ عن نفسه؟!أهو راض عن ربه؟!الإجابه جليه فى ابتسامته! هناك أشخاص يهبون بجمالهم الحياة لمن لا حياة له و هناك من يهبون بحياتهم الجمال لمن لا جمال له ! ؛ حياة ، أنظر اليها لأشعر بروح الفنان ، روح العظمه اللامحدودة ، و هذا الطفل،ارى ثراه ينشر السعادة،و يشع من قبره النور إلى كل الدنيا؛فقبره هو مهد الحريه التى هى سيبل سعادة الإنسان و سبيل إبداعه و رقيه و فنه؛قبره هو الحياة؛ستظل السعادة فى الكون باقية ، يلازمها الموت و الجمال ..!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق